صورته فى دماغى من و انا صغيرة صورة اله
قوى , مستقل, مبدع, شديد الخصوصية, منظم الى اقصى حد , و صبور جدا
كنت دايما ابصله بانبهار, و اخاف جدا من زعله. عمره ما احتاج يعلى صوت. لو زعل, صوته المتزن و نبرته الحازمة كانت كافية تماما انها تخلق جوايا شعور شديد بالندم. مرة واحدة بس فى حياتى زعل منى عشان كنت عاملة دوشة جامدة, فاكرة شكله لحد دلوقتى
ماما بتحكيلى ان و انا صغيرة كنت باتجاهل تماما سحابة الحذر اللى حواليه, و اروح اقعد على حجره و اتدلع عليه. انا مش فاكرة ده, بس باحاول اتخيلنى باعمل كدة, و اتخيل استسلامه لمياصة حفيدته, و اضحك
كل يوم خميس نروح نزوره. بالراحة و بصوت واضح احكيله اخبارى, و انجازاتى فى الدراسة, و استنى ابتسامته الصغيرة و هزة راسه, عشان اعرف انه راضى و مبسوط. ارتاح , و ابتسم, و احس انى حفيدة كويسة...حفيدة ييجى منها
بمرور الوقت كبرت, و هو كبر بس انا ماكنتش واخدة بالى. حبة حبة ابتديت ابقى مهتمة اكتر بالحياة و تفاصيلها و مااكتفيش بانى بس اطفو على سطحها. و حبة حبة ابتديت اقدر اكتر يعنى ايه يبقى عندى جد كدة
كنت و انا صغيرة ابرطم دايما على ان يوم الخميس هو يوم زيارة جدو, لأن يوم الخميس بيبقى اليوم اللى الناس كلها بتخرج فيه. بس لما كبرت مابقيتش متضايقة. انا ممكن اخرج فى اى يوم, لكن بس الخميس هو يوم جدو
برغم ان جدو هادى جدا, و ما بيتدخلش فى تفاصيل حياتنا الا لو احنا طلبنا منه بشكل واضح, لكن بهدوءه المريح, و بسلاسة و بطء دخل جوة حياتى, و على كبر استوعبت مقدار اعتمادى عليه
و انا صغيرة كان بيفكرنى باحمد مظهر:) يااه, غالبا مش هيصدق لو عرف
طويل, رفيع و فارد نفسه, واخد باله من صحته. يمشى بالراحة , مش بكسل لكن بثبات, كل خطوة متزنة و ليها قوتها
يقعد على الكرسى بتاعه, بعد اما يظبط قعدته , يبصلى, و اعرف ان كل تركيزه معايا, فابدأ احكيله بحماس عن يومى
المرض صعب اوى
المرض كسر جواية الوهية جدى , بس عرفنى على جدى الانسان اكتر و اكتر
مش معنى كدة ان انا ممنونة للمرض. لو اقدر استغنى عن التقرب لجدى للدرجة دى فى مقابل ان صحته ترجعله, اكيد كنت مش هاتردد
انا بس باقول حقيقة, مرض جدى ادانى فرصة اشوف نواحى ليه ماكانش ممكن اشوفها فى الاحوال العادية
الاله ما بيتوجعش
الاله خطوته مش بتضعف يوم ورا يوم
الاله مش بيقعد يتكلم و انت بتغسله جروح رجله اللى ما التئمتش بمحلول ملح, بس عشان يحاول يتجاهل و مايبينش الوجع اللى عمال يزيد
الاله مش محتاج ناس حواليه تخلى بالها منه
بس الاله مش المفروض يسيب جدى يحصله كدة
كأنى كنت عايشة فى دنيا من خيالى, دنيا مش موجودة بجد, او جايز كانت موجودة فى وقت ما...بس مش دلوقتى
انا نمت صحيت, لقيت جدى اكبر 11 سنة من ما انا كنت فاكراه
نمت صحيت, لقيت امى باين عليها التعب اكتر و اكتر
نمت صحيت, لقيتنى خايفة اوى, بس لقيتنى ماسكة نفسى كويس
عايزة انام اصحى, يبقى يوم الخميس. اروح ازوره, ارن الجرس, و اسمع صوت حركته و هو بيقوم من كرسيه, و يمشى ناحية الباب , يفتحللى و هو مبتسم و يقوللى "ازيك يا اميرة!" . يحط ايديه على وشى, و احس بقوتهم, و يبوس خدى. اقفل الباب , و هو يوقف شريط عبد الوهاب اللى كان بيسمعه.
اراقب خطواته البطيئة , الثابتة , القوية, و استناه يقعد على كرسيه , يظبط قعدته, و يسند ضهره, و يبصلى بانتباه
استغل الوقت الصغير اللى هاقضيه معاه لوحدى, قبل اما ماما و بقية الناس ييجوا, اضحكله, و ابتدى احكيله بحماس عن يومى