الأحد، أبريل ٠٣، ٢٠١١

الميدان...لحظة



منذ عام ربتت صديقة على يدي لتحاول -برفق- ان تزيح جانبا محاولاتي للاحتماء ب "القسوة"

" ممكن تخللي الحزن يقسيكي, و ممكن تخليه ينعمك...انتي اللي بتختاري" 

الان استرجع كلامها و اتسلح ب "نعومة" احزاني 

احتضن بداخلي طاقة من الحزن.
حفنة أحزان خبأتها في ركن دافئ صغير و دثرتها بوهج انتزعته من الميدان

أراني أقف هناك وحدي, أراقب ألسنة النيران المتطايرة, و الأحجار المتدافعة تجاهنا. على يميني شجرة تحترق, و من خلفي  حطام سيارات و أحجار متناثرة على مدى البصر.
 يتعالى الصياح, التكبير, صوت الميكروفونات, دوي رصاص ,طرق على المعادن,على الحطام, على اجسادهم,و في رأسي ... و وسط كل ذلك صوت سرينة عربة اسعاف يخفت و هي ترحل سريعا.

في تلك اللحظة اكتسبت مساحة من الحزن ظلت -الى الان- تؤنس لحظات يومي وتلون ترانيم منامي.

في تلك اللحظة ارخيت قبضتي على أوتار تربطني بأصدقاء منذ الطفولة, و فقدت البعض.
في تلك اللحظة الفت وحدتي و نبتت لي جذور جديدة وطدت علاقتي بالميدان...بالوطن.
في تلك اللحظة حلمت بطفل أنجبه, بكف صغير يلامس خدي, بقصص أحكيلها له, و بابتسامة خالد سعيد تبارك أحلامه.

الان يغمرني الحنين لتلك اللحظة... للميدان... لنفسي التي كانت هناك

عشان نكمل, لازم نحتفل

قريت التدوينة اللي كتبتها يوم 24 يناير بالليل, و انا بافتش جوايا عن أسباب أدعو بيها الناس لنزول الشارع يوم 25 يناير, و ابتسمت.

وقتها كتبت 
تمنى نعيش الثورة بس خايفة ما نلحقهاش. لكن اللي متأكدة منه ان كل واحد مننا لازم يعيش اللحظة دي, اللحظة اللي بيبقى ماشي فيها كتفه في كتف واحد او واحدة مايعرفهمش بس همهم واحد , بيهتفوا بصوت واحد و مصدقين ان البلد بلدنا و ان خلاصها بايدينا."

يااه! من 3 شهور كنت بأقول اتمنى نعيش الثورة. من 3 شهور كان املي نمشي في شارع و نهتف و نعيش للحظ احساس ان البلد دي بلدنا. من 3 شهور كنت خايفة الثورة تفوتني, و دلوقتي الثورة بتصاحب كل لحظة باقضيها في يومي.

ازاي سبت الارهاق ينسيني؟ ازاي سبنا الارهاق ينسينا كلنا ننبسط و نفخر بكل اللي حققناه و اللي لسة هنحققه؟

لازم نحتفل... نحتفل بكل انتصارتنا صغيرة او كبيرة.
نحتفل باننا قضينا على أسطورة طاغية بدأت من قبل اما كتير مننا يتولدوا أصلا.
نحتفل بان البلد رجعتلنا, و ان كل الميادين بقت بيوتنا. 
نحتفل باننا عشنا و اتعلمنا أهم درس, ان القوة في الشعب. الشعب بس هو مصدر كل حاجة حلوة و كل انتصار في الثورة دي.
نحتفل بشهداءنا و بجرحانا و بكل واحد مننا برغم المخاطر فضل في الميدان.
نحتفل باول يوم ملينا الميادين عشرات الالاف, و مئات الالاف, و مليون, و ملايين.

نحتفل بالأصحاب اللي اعدنا اكتشافهم و اصحابنا اللي اكتسبناهم في الميدان.
نحتفل بكل غريب ابتسم في وشنا او شاركنا لقمته, بكل بنت و ولد و راجل و ست جريوا و ساعدونا لما وقعنا, عطشنا او استشنقنا غاز مسيل للدموع.
نحتفل بالمستشفى الميداني, و اللجان الشعبية, حلاق الثورة, و فشار الثورة كمان!
نحتفل بالبصل و ازايز المياه اللي اتحدفوا علينا من البلكونات في كل منطقة مشينا في شوارعها نهتف " الشعب يريد اسقاط النظام".
نحتفل بأن هوس كرة القدم بتاعنا جابلنا الألتراس الجدعان .
نحتفل بان في اكتر اللحظات وجع و حزن فاجأنا نفسنا بنكتتنا و بروحنا الحلوة. 

نحتفل باننا لسة بنحارب و نقاوح: بواقي النظام, انتهاكات الجيش, الفجوة الدستورية, الفجوة الأمنية و اي فجوة تانية يخترعوهالنا.

الثورة مستمرة, الطريق قدامنا طويل, هنحارب, هنتلخبط, هنفترق و هنتجمع تاني بسرعة. ومن وقت لتاني هيخبطنا الارهاق, هناخد نفس و نسترجع انتصارتنا و نخطفلنا لحظة ننزل الميدان نحتفل... عشان نكمل.


اعتراف 4

من أكثر لحظات الثورة دفئا لي ...هي تلك اللحظة التي شاركتك بها وحدتي