التصويت بنعم حتى يعود الجيش لثكناته باسرع ما يمكن
فلا نريد حكم العسكر مرة اخرى
ايجابيات الحيرة والجدل:
احد نتائج الثورة المصرية التى لم تكتمل هو هذا الجدل المحتدم فى كل مكان حول الموقف من تعديل الدستور المعطل بين ثلاث اتجاهات:
المؤيد والرافض والمقاطع
ولعل السجال يحتدم بشكل جوهرى بين المؤيد والمعارض
وهذا فى حد ذاته تطور شديد الاجابية فى الساحة المصرية وذلك من عدة اوجه:
1-
استعادة السياسة لما تستحقه من اهتمام فى المجتمع المصرى ليشمل كافة القطاعات والطبقات
2-
احساس الجميع بان صوت كل منا اصبح له قيمة ومن ثم فالحيرة التى تنتاب المصريين الان لاختيار الى اين يذهب صوته دلالة على هذا الاحساس
3-
سقف الحرية المرتفع فى الجدل المثار لم يسبق له مثيل فى التاريخ المصرى فكل وسائل الاعلام مفتوحة لانصار التيارين
4-
الرسالة الايجابية للمجلس الاعلى للقوات المسلحة فيما يخص الاستفتاء حيث ركزت على اهمية المشاركة فقط دون الدفع تجاه احد الخيارين
ومع هذا هناك مخاطر حقيقة ينبغى الاهتمام بالتعامل الجاد معها ومنها:
1-
التعامل مع الخلاف بين صفوف الثورة وكأنها خلاف بين خونة وثوار وليس ىخلاف حول التكتيك فهدفنا واحد هو ارساء اساس مجتمع ديمقراطى حتى لو اختلفت تصوارتنا حول ملامح هذا المجتمع حيث سوف نحتكم للناخبين المصريين فى النهاية للحسم بين الخيارات المتعددة والمتنوعة
2-
الاتجاه الخطر من قبل المجلس الاعلى للقوات المسلحة لمنع المظاهرات الرافضة للاستفتاء بتطبيق مرسوم البلطجة وليس باعتبار المتظاهرين يمارسون حقهم فى الاحتجاج السلمى الذى يضمنه لهم مواثيق حقوق الانسان الدولية التى التزمت بها الدولة المصرية واعاد المجلس العسكرى بتأكيد التزامه بالاتفاقيات الدولية ومن ضمنها اتفاقيات حقوق الانسان
3-
التخوف من انشقاق صفوف الثورة مما سوف ينعكس على مرحلة تأسيس المجتمع الديمقراطى الذى سوف يستغرق سنوات فهل سنتمكن بعد اعلان نتيجة الاستفتاء للعمل سويا لما بعد هذه النتيجة سواء فاز المؤيدين او الرافضين
ما هو جوهر الخلاف:
يخطئ من يظن ان الخلاف حول التكييف القانونى والدستورى للحظة بين سقوط الدستور او تعطيله او من بين اساس شرعية المجلس العسكرى بين الضرورة التى استلزمت عدم كفاية الاجراءات الدستورية العادية لمواجهة الموقف بعد اندلاع الثورة ونجاحها فى دفع مبارك للتنحى دون ان يسيطر الثوار على السلطة او بين من يرى ان المجلس يستمد شرعيته من الثورة
فزمام المبادرة اصبح فى يد المجلس العسكرى وليس فى يد الثوار واصبح مصدر القرارات فى يد المجلس مع عدم تجاهل ضغط الثوار فى العديد من الامور لحسم تردد او تباطئ او تجاهل او تمسك المجلس العسكرى ببعض الامور التى ترجع للنظام السابق الذى خرجت الثورة من اجل اسقاطه: (
حكومة شفيق، جهاز امن الدولة)
فمنطق استمرار الدولة ممثلا فى الجيش هو الذى يهمين الان ولم تهيمن الشرعية الدستورية بل تحولت الى قوة ضغط على ممثلى الدولة
فكيف نخرج من هذا الوضع المركب والمربك؟
نظريا هناك تصورين:
1-
استكمال الثورة ليسيطر الثوار على السلطة عوضا عن الجيش وشرط نجاحه التفاف جماهيرى حول هذا المطلب
2-
التعامل الايجابى مع الحكومة الجديدة وقرارات المجلس دون استبعاد اللجوء للضغط فى احوال
وفى هذا السياق يأتى موضوع الموقف من التعديلات الدستورية ليشكل موضوعا سياسيا بامتياز ما بين يركز على خطورة استمرار العسكر فى الحكم وما بين من يرى خطورة فى احياء دستور شكل سند للديكتاتور وفى حالات كثيرة ينبثق موقف الرافضين من التخوف من الاسراع فى الانتخابات سوف يؤدى لسيطرة الاخوان والسلفيين على مجلس الشعب والشورى ومن ثم على اللجنة المدعوة لوضع الدستور الجديد وايضا على الحكومة الجديدة بعد الانتخابات
اى ان الخلاف اى ان الخلاف فى حقيقته بين المتخوف من حكم العسكر بكل سواءته التى شهدناه ولمسنها من تعذيب فى المتحف المصرى واقبية المخابرات الحربية والسجون الحربية ومهازل ما يسمى المحاكم العسكرية بالحكم على متظاهرين بخمس سنوات بدون اى ضمانات تتعلق بمعايير المحاكمة العادلة والمنصفة وكلها لو قورنت بمحاكم امن الدولة طوارئ او ممارسات جهاز مباحث امن الدولة لفاقتها فظاعة اى اننا ازاء خطر حقيقى راهن وقائم وليس خطر محتمل او متوقع
ومن ثم يضحى هدف ارجاع الجيش لثكناته اكثر الحاحا ويتقدم غيره من الاهداف الاخرى الهامة والتصويت بنعم يحقق هذا الهدف حيث تتم انتخابات البرلمان بشقيه ورئاسة الجمهورية خلال ستة اشهر فينتهى دور المجلس العسكرى فى ادارة شئون الدولة ونتعامل مع مدنيين منتخبين يسهل الضغط عليهم
بينما سيناريو الرفض يؤدى لاطالة مدة المجلس العسكرى لمدة اقلها سنة ان لم تزيد عن ذلك
فوضع دستور جديد يستلزم حوار مجتمعى يستغرق ستة شهور على الاقل حول موضوعات جوهرية لاستبيان التوجهات المرتبطة بهذا الامر ومنها:
1-
ما هو قدر الحريات التى يتوافق المجتمع المصرى على منحها لمواطنيه فهل من المتصور ان تقل عما تضمنه دستور 1971
ام تزيد عليه
2-
ما هو طبيعة النظام السياسى:
رئاسى ام برلمانى ومن ثم تحديد اختصاصات رئيس الجمهورية والحكومة والسلطة التشريعية والسلطة القضائية
3-
ما هو شكل البرلمان غرفة واحدة ام غرفتين هل هناك ضرورة لوجود مجلس الشورى
4-
كيف تنظم حالة الطوارئ فى الدستور الجديد
5-
كيف يضمن الدستور الجديد استقلال القضاء
6-
ما هى شروط الترشح للرئاسة وكيفية اجراء الانتخاب ومدة الرئاسة
7-
ماهى شروط العضوية للبرلمان وكيف تجرى الانتخابات بالقائمة ام بالنظام الفردى
8-
كيف تنظم الرقابة البرلمانية على رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية
9-
ما علاقة الدين بالدستور واشكاليات المادة الثانية
10-
هل نريد نظم الكوتة: 50%
للعمال والفلاحين وكوتة المرأة
يخطئ من يظن ان هذه الامور مهنية متخصصة يحسمها رجال القانون او السياسين فالتصور الشائع لدى البعض ان وضع مشروع دستور امر لا يستغرق وقتا بل هناك مشاريع جاهزة
نعم لكن هى مشاريع تعبر عن الرؤى المحدودة لواضعيها وليست بنت حوار مجتمعى يشارك فيه المجتمع بكل فئاته وهو ما يحتاج لوقت لا يقل عن ستة اشهر ثم ندخل لمرحلة صياغة هذه التوجهات كنصوص وهنا يأتى دور فقهاء القانون وقد تستغرق هذه المرحلة شهرا ثم يتلوها طرح المشروع بصياغته على المجتمع مرة اخرى لاعادة مناقشته ولنقل خلال عدة شهور ثلاثة مثلا ثم الصياغة النهائية وطرحه على الاستفتاء خلال شهرين مثلا
ان محاولة سلوقة دستور خلال شهرين كما يدعى البعض معناه اصدار دستور مبتسر لم يأخذ حقه فى المناقشة عبر المجتمع وانما اقتصر على النخبة فهل هذا هو طموحنا
وبعد نفاذ الدستور نأتى لمشكلة القوانين المنظمة للانتخابات حيث لا يوجد برلمان فستكون فى يد المجلس او فى يد اللجنة التأسسية وقد تستغرق شهرين مثلا
وبعد هذه السنة تأتى الانتخابات البرلمان والرئاسة وفقا للدستور الجديد وقد تستغرق من شهرين اذا كانت متزامنة واكثر من ذلك اذا كانت منفصلة
طوال هذه السنة والنصف تقريبا تستمر كل السلطة فى يد المجلس العسكرى بلا رقيب فلا برلمان ولا دستور يحكم عمل المجلس العسكرى
لهذا تأتى نعم هى اقصر الطرق ليرجع العسكر لثكانتهم قبل ان تدفعنا التطورات الى رفع شعا حل الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية
التخوفات من نتائج الانتخابات المبكرة:
الرافضين التعديلات يقولون ان الاقرار بها سيؤدى الى انتخابات مبكرة يسيطر عليها الاخوان وفلول الحزب الوطنى ورجال الاعمال
هذا القول يتناسى ان الثورة نجحت فى اثارة حماس الناخبين للمشاركة فى الانتخابات ومن ثم ستكون نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية يصعب التنبوء بها لمشاركة الاغلبية الصامتة او حزب الكنبة فى التصويت حيث سيتجاوز النسب المتعارف عليها فى اى انتخابات سابقة حيث لم تتجاوز25%
باضافة الاصوات المزورة ومن ثم من المتوقع ان يحرص المشاركين على حسن الاختيار بين من يعرفونهم من مرشحين
هذا من جهة ومن جهة اخرى علينا ان نقر باحترامنا لخيار الاغلبية مع حقنا فى محاولة التأثير فيها فلن نعيد مأساة انتخاب حماس فى انتخابات نزيهة رفض العالم الغربى والعربى الاعتراف بنتيجتها فتم عقاب جماعى لغزة لممارستهم حقهم فى اختيار من يرونه
فبرلمان منتخب بدون تزوير ورئيس منتخب من بين عدة مرشحين افضل بمراحل من استمرار المجلس العسكرى فى الحكم ايا كانت نتائج الانتخابات
ولو صحت تخوفات الرافضين فان هذا يؤدى منطقيا الى رفض انتخاب اللجنة التأسسية حيث ستشهد نفس المصير للانتخابات المبكرة ومن ثم يكون خيار تعيين اللجنة من قبل المجلس العسكرى هو الاكثر منطقية
وهو ذات الامر الذى سينعكس على الدستور الجديد فالاخوان وفلول النظام لهم السيطرة على المواطن العادى وفقا لهذه الرؤية فستنعكس على الاستفتاء على الدستور الجديد فهل سنطالب حينها بفرض دستور الصفقة بين الرافضين والمجلس العسكرى
احمد سيف الاسلام حمد المحامى
17 / 3/ 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق