الأحد، أكتوبر ١٩، ٢٠٠٨

ليلى التي رحلت



لما جت فكرة كلنا ليلى للسنة دي اننا ننشر خبرات ستات و بنات ماعندهمش فرصة النشر على الانترنت, كان نفسي تبقى ستو لسة عايشة عشان اسجلها و هي بتحكي عن حياتها و تجاربها و هي بنت في سني. للأسف الأفكار دي دايما بتتخلق جوايا بعد فوات الاوان.
النهاردة يوم كلنا ليلى, و من 6 ايام كانت الذكرى السنوية الأولى لوفاة جدتي. عشان كدة هانشر حاجة صغيرة هي كتبتها عن تجربتها و هي صغيرة في اقتحام عالم التعليم الجامعي.

فتحت مجانية التعليم الباب لأن يدخل الجامعة عدد كبير من الشباب من طبقات متوسطة وفقيرة وتخرج من بينهم كثير من النابهين أكاديميا أوفي كثير من مجالات الحياة الأخرى.

ومن تجربتي الخاصة اشهد بأن عدد الطلبة والطالبات أيام دراستي في الجامعة بين 44-48 كان أقل كثيرا من العدد أتيح له دخول الجامعة بعد ذلك وقد لا ينطبق هذا بالضبط علي الطالبات في كلية الآداب لأن الطالبات كانت لهن مجانية سابقة علي كل هذه الأمور بناء علي وصية الأميرة فاطمة إسماعيل صاحبة الفضل في إنشاء كلية الآداب، إلا أن إدارة الكلية لم تكن في الواقع تعترف بهذه المجانية المشروعة وكنا جميعا نضطر إلى تقديم شهادة فقر -يشهد عليها موظفان وموقعة من شيخ الحارة- علي أن ولي أمرنا لا يقدر علي دفع المصروفات ، وقد أرغمت شخصيا علي تقديم هذه الشهادة وأنا في غاية الدهشة لاستحقاقى مجانية مزدوجة إلى جانب المجانية الممنوحة من الأميرة فاطمة إسماعيل : مجانية التفوق العامة ومجانية حصولي علي ترتيب الأولى في مسابقة اللغة الإنجليزية ( كانت مسابقة تشبه ما يتاح لطلبة الثانوية العامة فيما يسمي المستوى الرفيع ) ، لهذا كان عدد الطالبات في كلية الآداب اكثر من العدد في أى كلية أخرى، وقد شاهدت أثناء عملي في الكلية انضمام عدد كبير من الطلبة خريجي المدارس المصرية -الذين كان مظهرهم يدل علي رقه الحال- تخرج من بينهم النابغون والأوائل والمبدعون وأصحاب أسماء لامعة في الحياة الثقافية. واذكر أن زميلة لي كانت آنذاك إحدى طالبتي وكانت خريجة إحدى مدارس الراهبات الإنجليزية والتي لا يلتحق بها سوى أبناء الطبقة العليا، شكت لي فيما بعد متبرمة: كنا نحن الذين درسنا شكسبير في المدارس ونتحدث الإنجليزية بتلقائية لا نحصل علي اكثر من تقدير جيد وكنتم تحابون أولئك الصبيان ذوى الوجوه الكالحة والملابس البالية الذين اصبحوا اليوم من كبار الأكاديميين ونجوم الثقافة ، لإنهم يكتبون الشعر والقصص.!

على أن عدد الفتيات في الجامعة عموما كان قليلا لقلة عدد من أتيحت لهن الفرصة للحصول علي شهادة التوجيهية المؤهلة لدخول الجامعة، ولم يكن في تخطيط العائلات لمستقبل البنات التعليم حتى مستوى التعليم العالي، وفيما عدا الأسر المتيسرة من كبار الموظفين والمهنيين كانت بنات الطبقة الوسطي تكتفي بالتعليم المتوسط: ثقافة نسوية، فنون طرزية، أو يتخرجن من مدارس الراهبات التي توفر عدد قليل من الفصول "للفقراء" ..

وكانت الأسر تحرص علي نجاح الأبناء من الذكور في التعليم الثانوى وتدفع المصروفات اللازمة لذلك (حوالي عشرون جنيها فيما أذكر) ..

وفي تجربتي الخاصة حصلت شقيقتي وشقيقي الأصغر منى علي الشهادة الابتدائية في نفس العام دون أن يحصل كل منهما علي درجات تؤهلهما للمجانية في المرحلة الثانوية، وتقدم أبى بأوراق شقيقي إلى مدرسة فاروق الأول الثانوية، أما شقيقتي فنصحه مستشار الأسرة للشؤون التعليمية وكان سكرتيرا لإحدى المدارس الثانوية الكبرى أن يلحقها بمدرسة الفنون الطرزية فتحصل علي شهادة متوسطة وتتقن الخياطة والتطريز مما ينفعها في المستقبل، وقد كرهت شقيقتي رحمها الله المدرسة وكرهت التطريز والخياطة ولم تعمل بها بعد تخرجها، وأثرت تلك التفرقة علي حياتها كلها، وكان هذا في الواقع مصير كثير من البنات ......

ولابد من الاعتراف بأن مجانية التعليم العالي ونظام القبول المفتوح للجميع بلا تميز من خلال "مكتب التنسيق" خلق آفاق جديدة للفتاه بالذات وفتح أمامها الطريق لمهن مهمة يمكنها أن توظف فيها قدراتها ونجحت الفتيات في الاختبار ..

أملنا اليوم أن تسير سلطات التعليم علي نفس الطريق، مع توفير الإمكانيات الضرورية لحسن تأهيل الخريجين قبل التخرج وتيسير الاتجاه إلى البحث العلمي بعد التخرج مع الحد من الازدحام الذى يعوق حسن الاستفادة من الإمكانيات المتاحة.

واذكر أننا في الستينيات وأوائل السبعينيات في اجتماعات مطولة لبحث مستقبل الجامعة ومستقبل كلية الآداب شكونا من فتح الباب علي مصراعيه لدخول كلية الآداب لأعداد غفيرة بدون زيادة في إمكانيات الكلية من حيث الأماكن وأعضاء هيئة التدريس ......الخ .فأجبنا المسؤول الأكاديمي المبعوث من قبل السلطات للمناقشة معنا: أن طالب كلية الآداب يتكلف ثلاثين جنيها مصريا سنويا وهذه ارخص تكلفة ممكنة، وليس أمامنا إلا استخدامها. ولما شكونا من ضعف الإمكانيات كان رده الشهير علي الدكتور زكى نجيب محمود الذى بوغت بالرد في مدرج ملئ بأعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب "الشاطرة تغزل برجل حمار" فصارت مثلا ، وقانا الله شر الاضطرار للغزل برجل حمار في عهد التكنولوجيا المتقدمة والحكومة الإلكترونية وكل ما تعد به الأيام ...


على الهامش: برجاء المشاركة باستطلاع الرأي الخاص بالإناث أو الذكور

هناك ٣ تعليقات:

Lasto-adri *Blue* يقول...

قد ايه جيلهم كان محظوظ يا منى
رغم كل مصاعبه انما كان فى أمل.. كان فى هدف يدفع الإنسان إنه يكمل ويواصل الطريق

:(
الله يرحمها.. بس هى كانت مين؟ انا مش عارفة

karakib يقول...

بما انك اتكلمتي عن موضوع التعليم في التدوينة و ده في رأيي السبيل الوحيد لنهضة مصر لأنه من وعي التاريخ في صدره اضاف اعمارا الي عمره فيبقي نقول من اول محمد علي اول من بعث البعثات للتعلم في الخارج و رجعوا نوروا البلد كلها بعلمهم و طوروها
هو في الاساس كان عايز يعمل جيش قوي و نجح في ده فعلا ... كان عنده اقوي اسطول بحري .. و كان علي اعتاب الاستانه بجيوشه
لكن كمان جنب ده و يمكن هو ما كانش مدرك ذلك النهضه العلمية دي اثرت علي البلد جدا
تاني واحد اهتم بموضوع البعثات التعليميه كان الخديوي اسماعيل و بعث بعثات تعليميه رجعت قامت بدور تنويري واسع
و في الوقت ده كمان فتح الباب لمدارس الراهبات و الرهبان انهم يعلموا المصريين ... طبعا كأي شيء جديد في البداية كان مقتصر علي الاغنياء فقط و شوية شوية انتشر زي ما بيقول دكتور جلال امين في كتابه عصر الجماهير الغفيرة
بس ده كان له تأثير مهم جدا علي البلد في كل النواحي حتي في تجديد الخطاب الديني
علي ما افتكر في الوقت ده ايام الخديوي اسماعيل اتكتب كتاب تلخيص الابريز في وصف باريز
دلوقتي بقي في الزمن اللي احنا فيه
اصبح التعليم ... تعليم رديء
و لذلك في تدهور في كل نواحي الحياة
لما قريت من يومين في الدستور الاسبوعي مقال علاء الاسواني انه دكتور في كلية اداب بيقول انه نجيب محفوظ كافر و يوسف ادريس سكير ... كانت بالنسبة لي صدمة لأنه دكتور في كلية اداب لازم يتكلم عن كتابات هؤلاء العمالقة بشكل يليق بهم .. مش يقول واحد كافر و التاني سكير و كلام فاضي .. و يتدخل فيما لا يعنيه في الوقت اللي ما بيدرسش فيه اي قيمة

غير معرف يقول...

مممممم
طب ليه مانخليش أسم الحملة":كلنا فاطنة"
وشكراَ