كنت احلم بكوابيس كتير, فكرة موتي تقعد تطاردني و تخليني اعيط و انا في السرير لوحدي. ماما كانت بتقوللي ان خالتي كانت كدة و هي صغيرة. ماما عمرها مافهمت الرعب ده عندي او عندي خالتي, بس كانت هي اللي دايما بتساعدنا نتعامل معاه. لما اتكلمت مع خالتي قالتلي ان خوفها من موتها اتغير لما خلفت. ما فهمتش كلامها غير لما قدرت اتعرف على مشاعري ناحية سناء. اختي الصغيرة اللي بقت اطول و مني, و أجمل حد في حياتي
لما ماما حملت سألتني عايزة اخت و لا أخ. كان قرار صعب جداً على واحدة عندها ٨ سنين محتارة مابين ان يجيلها أخت فيبقى عندها سرير بدورين و تنام في الدور الفوقاني. او يبقى عندها أخ فيبقى فيه فرصة انه يرازي أخويا الكبير, من باب الغلاسة يعني. و بعد فترة طويلة من التردد و الحوسة, قررت اني عايزة سناء مش يوسف, او بمعنى أصح عايزة السرير اللي بدوين و هلالقي طرق تانية للغلاسة على علاء.
فاكرة يوم اما جت
عزة قريبتنا هي اللي صحيتنا أنا و علاء عشان نجهز و نروح المدرسة . عرفنا ان ماما راحت المستشفى في نص الليل تولد. روحنا المدرسة في حالة نششوة عجيبة, دخلنا الحوش بنتنطط, و علاء كل اما يقابل حد يصرخ "أختي جت"
خلصنا المدرسة و أخدنا من على المحطة الاوتوبيس و نزلنا جري على البيت بنتسابق مين فينا هيوصل الأول.
دخلنا على ماما الاوضة, لقيناها مبتسمة في هدوء و شايلة كائن صغير
وطينا نتفرج على سناء, و هي ردت علينا بصوت مهتز ضعيف آآآ كأنه تزييق. علاء ضحك و قال " يا حرام مش عارفة تصوت و قامت سناء راقعة بالصوت اتخضينا و رجعنا لورا و بعدين فتحنا في الضحك
سناء كدة. من بعيد تديك انطباع انها بسكوتة, صغيرة يمكن مش هتعرف تتصرف, و فجأة طاااخ تفاجآك بانها اتصرفت و قدرت تعمل كل حاجة بما فيها الحاجات اللي انت ماعرفتش تعملها
زي يوم أما روحنا لقاضي التحقيق في أحداث مجلس الوزراء يسمع شهادتنا عن احتجازنا و التعدي علينا و على باقي المحتجزين
اللي يعرفنا, يعرف اني أنا الشخص اللي بيقتكر بيانات و معلومات و تفاصيل, و بيركز جدا, و سناء الشخص اللي دايما عايش في عالم تاني في خياله, و بتنسى الأسماء و التفاصيل و سهل تتوه
يومها قدام المحقق فاجئتني تاني
أنا ابتديت احكيله اللي حصل, مشاعر, و أسماء و أوصاف االناس اللي كانوا معايا, لكن اكتشفت اني مش مفيدة في أهم حاجة و هي اني اقدم أوصاف تساعد في التعرف على اللي تعدوا علينا لأني بشكل تلقائي استخدمت واحدة من حيل التعايش مع التحرش الدائم في شوارع بلدنا و هي اني احول الناس اللي خايفة منهم او حساهم مصدر خطر لكتلة باهتة مالهاش ملامح
سناء بقى
أختي اللي كانت بتعتبر كل الكباري في البلد كوبري ثروت (الكوبري الوحيد اللي كانت تعرفه) قعدت قدام المحقق و ابتدت تدي أوصاف تفصيلية جدا للي شاركوا في التعدي عليها و على باقي اللي كانوا محتجزرين معاها (طول, لون البشرة, عدد النجوم و الشارات على كتفه) و اتعرفت على 3 من الظباط و طلعت صورهم من بين التغطيات الأخبارية لليوم
أختي اللي كانت بتعتبر كل الكباري في البلد كوبري ثروت (الكوبري الوحيد اللي كانت تعرفه) قعدت قدام المحقق و ابتدت تدي أوصاف تفصيلية جدا للي شاركوا في التعدي عليها و على باقي اللي كانوا محتجزرين معاها (طول, لون البشرة, عدد النجوم و الشارات على كتفه) و اتعرفت على 3 من الظباط و طلعت صورهم من بين التغطيات الأخبارية لليوم
فاكرة اني قعدت اشاكسها و اقولها "مين دي؟ عاوزة اختي سناء" :) بس كمان فاكرة اني يومها اكتشفت قد ايه سناء في الحاجات المهمة جدا المصيرية, مختلفة, و قدرتها على التركيز و حسم الأمور أضعاف قدرتي أو قدرة أي حد اعرفه
بقالي أيام في وجع مكتوم جوايا مش قادرة اتعامل معاه. وجع له علاقة بأن كل تعاويذ الاخت الكبيرة في حماية اختها فشلت, وجع له علاقة بان الزيارة 3 دقايق اللي اختلستها في القسم كان بينا باب و أسلاك, ماعرفتش احضنها, و كانت كلها كلام بيتقال بصوت عالي سريع لمحاولة طمأنتها هي و البنات, و من ناحيتها هي كلام كتير كله توتر و طلبات و تعليمات
من قسوة الدنيا علينا الأيام دي انك ما بتاخدش نفسك تستوعب الوجع, تعبر عن حزنك, تحكي عن حبك لأخواتك المحبوسين.
النهاردة لما زرت سناء,جواب صغير, كلمات صغيرة بس منها كلها طبطبت و دوبت الوجع
تاني فاجئتني بقد ايه رغم المسافات و أسوار السجون هي بس اللي فهمت وجعي
ديسمبر اللي فات كتبت بعد زيارة لعلاء في السجن
"سجونكو ما بتخوفناش