الأربعاء، سبتمبر ٠٣، ٢٠١٤

بابا

البعيد عن العين .. مستقر في القلب 

السبت، يونيو ٢٨، ٢٠١٤

السلاح السري ... سناء


في صغري  اكتر حاجة كنت باخاف منها "الموت"
كنت احلم بكوابيس كتير, فكرة موتي تقعد تطاردني و تخليني اعيط و انا في السرير لوحدي. ماما كانت بتقوللي ان خالتي كانت كدة و هي صغيرة. ماما عمرها مافهمت الرعب ده عندي او عندي خالتي, بس كانت هي اللي دايما بتساعدنا نتعامل معاه. لما اتكلمت مع خالتي قالتلي ان خوفها من موتها اتغير لما خلفت. ما فهمتش كلامها غير لما قدرت اتعرف على مشاعري ناحية سناء. اختي الصغيرة اللي بقت اطول و مني, و أجمل حد في حياتي

لما ماما حملت سألتني عايزة اخت و لا أخ. كان قرار صعب جداً على واحدة عندها ٨ سنين محتارة مابين ان يجيلها أخت فيبقى عندها سرير بدورين و تنام في الدور الفوقاني. او يبقى عندها أخ فيبقى فيه فرصة انه يرازي أخويا الكبير, من باب الغلاسة يعني. و بعد فترة طويلة من التردد و الحوسة, قررت اني عايزة سناء مش يوسف, او بمعنى أصح عايزة السرير اللي بدوين و هلالقي طرق تانية للغلاسة على علاء.

فاكرة يوم اما جت 
عزة قريبتنا هي اللي صحيتنا أنا و علاء عشان نجهز و نروح المدرسة . عرفنا ان ماما راحت المستشفى في نص الليل تولد. روحنا المدرسة في حالة نششوة عجيبة, دخلنا الحوش بنتنطط, و علاء كل اما يقابل حد يصرخ "أختي جت" 
خلصنا المدرسة و أخدنا من على المحطة الاوتوبيس و نزلنا جري على البيت بنتسابق مين فينا هيوصل الأول. 
دخلنا على ماما الاوضة, لقيناها مبتسمة في هدوء و شايلة كائن صغير
وطينا نتفرج على سناء, و هي ردت علينا بصوت مهتز ضعيف آآآ كأنه تزييق. علاء ضحك و قال " يا حرام مش عارفة تصوت و قامت سناء راقعة بالصوت اتخضينا و رجعنا لورا و بعدين فتحنا في الضحك 

سناء  كدة. من بعيد تديك انطباع انها بسكوتة, صغيرة يمكن مش هتعرف تتصرف, و فجأة طاااخ تفاجآك بانها اتصرفت و قدرت تعمل كل حاجة بما فيها الحاجات اللي انت ماعرفتش تعملها

زي يوم أما روحنا لقاضي التحقيق في أحداث مجلس الوزراء يسمع شهادتنا عن احتجازنا و التعدي علينا و على باقي المحتجزين 
اللي يعرفنا, يعرف اني أنا الشخص اللي بيقتكر بيانات و معلومات و تفاصيل, و بيركز جدا, و سناء الشخص اللي دايما عايش في عالم تاني في خياله, و بتنسى الأسماء و التفاصيل و سهل تتوه 

يومها قدام المحقق فاجئتني تاني 
أنا ابتديت احكيله اللي حصل, مشاعر, و أسماء و أوصاف االناس اللي كانوا معايا, لكن اكتشفت اني مش مفيدة في أهم حاجة و هي اني اقدم أوصاف تساعد في التعرف على اللي تعدوا علينا لأني بشكل تلقائي استخدمت واحدة من حيل التعايش مع التحرش الدائم في شوارع بلدنا و هي اني احول الناس اللي خايفة منهم او حساهم مصدر خطر لكتلة باهتة مالهاش ملامح


سناء بقى
أختي اللي كانت بتعتبر كل الكباري في البلد كوبري ثروت (الكوبري الوحيد اللي كانت تعرفه) قعدت قدام المحقق و ابتدت تدي أوصاف تفصيلية جدا للي شاركوا في التعدي عليها و على باقي اللي كانوا محتجزرين معاها (طول, لون البشرة, عدد النجوم و الشارات على كتفه) و اتعرفت على 3 من الظباط و طلعت صورهم من بين التغطيات الأخبارية لليوم 
فاكرة اني قعدت اشاكسها و اقولها "مين دي؟ عاوزة اختي سناء" :) بس كمان فاكرة اني يومها اكتشفت قد ايه سناء في الحاجات المهمة جدا المصيرية, مختلفة, و قدرتها على التركيز و حسم الأمور أضعاف قدرتي أو قدرة أي حد اعرفه



بقالي أيام في وجع  مكتوم جوايا مش قادرة اتعامل معاه. وجع له علاقة بأن كل تعاويذ الاخت الكبيرة في حماية اختها فشلت, وجع له علاقة بان الزيارة 3 دقايق اللي اختلستها في القسم كان بينا باب و أسلاك, ماعرفتش احضنها, و كانت كلها كلام بيتقال بصوت عالي سريع لمحاولة طمأنتها هي و البنات, و من ناحيتها هي كلام كتير كله توتر و طلبات و تعليمات

من قسوة الدنيا علينا الأيام دي انك ما بتاخدش نفسك تستوعب الوجع, تعبر عن حزنك, تحكي عن حبك لأخواتك المحبوسين.
النهاردة لما زرت سناء,جواب صغير, كلمات صغيرة بس منها كلها طبطبت و دوبت الوجع
تاني فاجئتني بقد ايه رغم المسافات و أسوار السجون هي بس اللي فهمت وجعي


ديسمبر اللي فات كتبت بعد زيارة لعلاء في السجن

"سجونكو ما بتخوفناش
و لو ظلمكو بيوجع, فبييجي يوم و بنفتكر كل تنتوفة حلوة في الحلم اللي مخلينا مكملين و مصرين نهزم كابوسكو
و بنفتكر ضحكة كل اللي فارقونا
و عندنا السلاح السري "سناء" 
حقيقي حقيقي بكل مدرعاتكو و سجونكو و دباباتكو و مشارحكو .. احنا أقوى منكو"

صحيح هم عندهم سجون و مدرعات و رصاص و محاكم و أقسام و نيابات
و ممكن يفرقونا عن بعض, علاء في سجن طرة و سناء في سجن القناطر 
 تصريح زيارة علاء من محكمة زينهم و تصريح زيارة سناء من محكمة العباسية

لكن احنا عندنا السلاح السري "سناء" و طاقة حب فايضة تتخطى أسوار كل السجون 

الخميس، فبراير ٢٧، ٢٠١٤

مين يسأل علينا


لو تروح و تقول مسافر, مين يسأل علينا 
مين يسأل علينا
عدسة إسلام أمين

علاء
الحب الاول
مرة زمان و أنا صغيرة جدا قلت بكل براءة "اما اكبر هاتجوز أخويا" كان الهدف من العبارة اني أضمن انه هيفضل قريب مني للأبد
كبرت و فهمت بعدها حقيقة العلاقات, و فهمت ان علاء –طول ما هو يقدر- هيفضل معايا و جنبي

عمرنا مات و لا عايش
مين يسأل علينا 

أوقات كتيرة من فترة مراهقتي كنت غضبانه منه, غضبانة من تمرده الدائم, غضبانه من  تحديه الدائم للقيود الاجتماعي, انه دايما بيزق السقف

وقتها كان هوسي الأساسي ان الناس تتقبلني, الكل يحبني, اني امتزج مع كل تصوراتهم عن "الصح" و "المقبول" اني اتبنى مفاهيمهم عن "العيب و الغلط" و وجود أخ زي علاء كان مبوظ الوصفة.
و أما كبرت, بقينا أصحاب, و اكتشفت: كتير من الدروس المهمة في حياتي ابتدت بتعاليم أخويا.
ان الواحد يعرف يعلم نفسه بنفسه
ان الواحد ممكن يبقى المجتمع لافظه, نظام التعليم مبططه, بس هو عنده شغف بحاجة و يعلم نفسه و يبقى شاطر فيها بشكل متفرد
ان الواحد ممكن في كل لحظة من حياته المهنية يبقى شغله نضال. ان يبقى كل مجهود بيحطه في شغله بيستثمر في نفس الوقت في تحرير المعرفة, اتاحة المعلومات للجميع, ان العلم و حصولك عليه و التكنولوجيا ما تبقاش مرتبطة بمستواك الاجتماعي و علاقاتك و امتيازاتك الاجتماعية.
و ان كل الأسئلة مباحة, من حقك تعيد التفكير في كل حاجة
واجبك تتحدى السلطة
ان المواطن العادي الضعيف لا يحمل نتيجة قمع السلطة لو تحدى جبروتها. و ان واجبنا نوفرله وسائل تساعده في النضال, و نقدمله حماية إن أمكن, و ان أمانه و كرامته مش مفصولين عن أمانا و كرامتنا, و نضاله من نضالنا.
 
علمني علاء ان أحلى حب الحب المعجون بالصداقة
أكتر من نص عمري قضيته حوالين منال و علاء.
 اعترف, الأول كانوا بيجننوني!
 ماعرفش ازاي ممكن اتنين يبقوا حقيقي بيقضوا كل الوقت ده بصحبة بعض من غير اما يتجننوا و حد فيهم يرمي التاني من الشباك.
لكن مع مرور الوقت كبرت و كبر حبهم حواليا و فهمت. 
شراكة لحظات اليوم 
تفاصيل الحلم
دفئ الصداقة
رحلات السفر
ساعات العمل معا
دلو علاء و منال
خالد
و بخالد تبدأ رحلة جديدة ... بها من الحب ما يفيض ليشملنا



فى المسا زى الصباح
واللى جاى فين
واللى راح
خدنا إيه غير الجراح


حبسك قطم روحي
كل اما احس اني هاتجنن لو ما اتكلمتش معاك ادخل ادور على تغريدات قديمة بينا او ايميلات و أحاول اتونس بكلماتك.
مرعوبة يا علاء
مرعوبة ده يبقى الحال لكتير
مرعوبة الفراق يطول
بس مرعوبة أكتر اعتاد الوجع. الوجع بيفكرني ان الوضع ده مش طبيعي, ان حرمانا منك شئ قاسي و أكيد مؤقت. ما ينفعش يبقى عادي. صح؟ 

فجأة افتكرت
مرة كنا عاملين مؤتمر للتضامن مع معتقلي اعتصام العباسية, و جالنا أم و أب كبار في السن معاهم صورة ابنهم مفقود. وروني الصورة و ابتدوا يحكولي عنه و هم بيدمعوا. اسمه شريف سعيد, عمره 19 سنة, مش عارفين نلاقيه, سمعنا انكو بتدوروا على المفقودين, ناس ولاد حلال دلونا عليكو
مش عارفة ايه اللي فجأة خلاني اسأل. " امتى بالظبط اختفى" و الرد جالي " أبريل 2000"
يعني من 12 سنة – وقت اما قابلوني- لكن كلامهم عنه كأنه مختفي الأسبوع اللي فات, الجرح صاحي و الأمل في لقاء لسة عايشو و رغم مرور 12 سنة على غيابه بالنسبالهم هو لسة ابنهم اللي عنده 19 سنة و الثورة جددت أملهم في انهم يلاقوه.
خايفة احاول اتصور حالهم دلوقتي.

خدت حسك من بيوتنا
مين يقول انك تفوتنا 

آخر سنتين طورت طرق دفاع تخليني أعرف اتعامل مع كم القسوة اللي بقت مفروضة على تفاصيل حياتنل اليومية. فقاعة بتعزلني عن البني ادمين اللي ممكن يجبروني ادوس على الجرح, لأني مش متأكدة اني قوية كفاية لتحمل الوجع
بادخل قوقعتي و استخبى, كل اللحظات المؤلمة بادفسها بسرعة في ركن مظلم جوايا. كل أما الثقل يزيد و أحس جناجاتي هتتقطم اتكرمش جوة نفسي أكتر. في لحظات العزلة دي اكتشفت ان شخصين بس اللي بيقدروا يوصلولي و طبطبتهم مش بتكسرني. انت و عمرو
و اكتشفت اني باعتمد دايما على انكو –لوحدكو من غير اما اقول- مراقبني عن قرب و بتلحقوني دايما و انا على حافة الانهيار.
مكالماتك بالليل "مين اللي مزعلك بس؟"
تغريداتك "سيبوا البت أختي في حالها" أو " أنا بقى فخور اني علاء أخو منى" :)
لما فجأة بتقرر تعدي عليا و تشاركني واحدة من مشاويري الكئيبة لمحكمة أو قسم أو مشرحة
  
بتيجي عليا لحظات كدة, امسك الموبايل عشان  أكلمك افضفضلك
أو ابقى واقفة عند محكمة بقالي ساعات و لوهلة انفصل عن حقيقة اللحظة و اتصور انك ممكن تعدي عليا
لما بافتكر
لما باشوف في خيالي بوابة السجن 
بتخبطني حقيقة اني استنفذت كل حيل مقاومة وجع فراقك

فاكر لما مدحت قوتي في تحمل المآسي ؟
ما تختبرش قوتي بحبستك يا علاء.
 تعويذتي انهزمت عند بوابة ليمان طرة.


قلنا لما انبح صوتنا
مين يسأل علينا
مين يسأل علينا!

الأربعاء، يناير ٢٢، ٢٠١٤

جواب من علاء

ده جواب علاء كتبهولنا من السجن يوم 24 ديسمبر 2013. قعدنا أسابيع نتفاوض مع إدارة السجن عشان يسمحولنا نستلمه. في مرحلة ما لما سألنا ليه ما يينفعش ناخد الجواب؟ جالنا الرد "عشان كاتب فيه عن السجن"
فيوز من عقلي ضرب!
حابسينه في زنزانة انفرادي, بيقضي 20 ساعة في اليوم على الأقل تماما لوحده, أياما الاجازات بيمنعوا عنه التريض فممكن توصل لأنه محبوس انفرادي 48 ساعة او حتى 72 ساعة, متوقعين انه اما يكتب جواب هيكتبه عن ايه؟؟ دريم بارك!!!

اترددت قبل ما انشره, اترددت عشان الكلام مستخبي جواه كم غضب و وجع و احباط, و بعدين قررت انشره. دي حقيقة اللحظة اللي احنا عايشينها, ليه أنكرها أو احاول اجملها؟؟ 

كل زيارة بنروح و جوانا هوجة مشاعر: غضب, وجع, قلق من اللي لسة جاي, احباط, وحشة, راحة لوجود العائلة, و حب ... دايما دايما في وسط كل الوجع في طاقة حب فايضة

جواب علاء: 

إلى منى وسناء
وحشني جدا مع إني بشوفكم وأنا محبوس أكتر مما بشوفكم بره. يمكن عشان بره بقدر اتطمن عليكم في أي وقت وببقى متابع وفاهم أخباركم، أما في السجن لازم نقرر هنقضي وقت الزيارة القصير نتكلم في أي أخبار ونقسم الوقت بحرص وطبعا مش هلحق اسمع الأخبار التافهة الللي بتخليكم منى وسناء. خناقات منى على تويتر أو حالات الرومانسية اللي بتركبها، سناء أتفرجت على ماتشات الأهلي ولا لأ ومغامراتها العجيبة اللي بتقع فيها من غير ما تاخد بالها.
يمكن دي أصعب حاجة في الحبس، ان حد يبقى متحكم في وقتك بالشكل ده. لدرجة انك تتحرم حتى من القلق لأن مش هعرف ان خالد خد دور برد غير بعد ما يكون خف. ان حد تاني متحكم في تزامن أحساسنا بنفس الحاجة. يعني مثلا العاصفة الثلجية، وصلني المدد اللي بعتوه عشان البرد بعد ما خلصت خلاص. البلد كلها قعدت 4 أيام بتكلم بعض عن الطقس لكن على ما وصلتولي في الزيارة مكنش متاح لينا غير إني أطمنكم أن عرفنا نتصرف ووضعنا كويس. مش إن نحكي بحماس عن قد أيه الدنيا برد. 

وأنا بلبس كل هدومي فوق بعض وبرص بطاطين فوق بعض فكرت إن فيه ناس في عشش أو في الشارع معاها هدوم أقل وبطاطين أقل. بس بعد أبرد ليلة لما قررت أن لازم أسد شبابيك الزنزانة ثاني يوم ادركت إن حتى المشردين يقدروا يقوموا في أي وقت يختاروه يدوروا على حل للبرد. يمكن يلاقوا ويمكن لأ لكن أحساس إن سلطة ما هي اللي بتقرر ببيروقراطية عشوائية أمتى هيتفتح علي وامتى هلاقي كرتونة أسد بيها الشباك وامتى النبطشي هياخد إذن يجيب سلم ويطلع يسد الشباك يقهر.

أتخيل أنكم بتتعاملوا مع إحساس مشابه وانتم بتدوروا على احتياجاتي وفق لمواصفات السجن. هدوم ثقيلة بيضاء بلا علامات. سمعت إن مها مأمون أضطرت تفك وتركب الجاكيتات من أول وجديد عشان يسمح بها وعلى ما ده تم كانت الحرارة رجعت 20 :-)
ومعرفش مين اللي لف وسط البلد يدور على محل لسة بيبيع راديو موجة واحدة وليه أصلا الهم ده؟
بس كل ده مجرد منغصات بتأكد على فكرة الحبس، ان ارادتك مسلوبة تماماُ وحد متحكم في وقتك وجسمك. المشكلة أنه متحكم في روحي، بيحددلي أشوف منال وخالد أمتى وأبوسهم واحضنهم قد ايه.
والمرعب أكتر إحساس أنه ممكن يقلل، لو أتحكم علي الزيارة هتبقى كل أسبوعين مش كل أسبوع، الجرايد بتتكلم عن تطبيق نظام الزيارة بكابينة زجاجية وتليفون، يعني لو أطبق علي مش هعرف ألمسكم، هتواصل مع خالد إزاي أنا كدة؟
واللي يقهر إن ناس كانت عاقلة أول أمبارح تكتب في الجرايد تحرض على منع زيارات زوجات وأبناء المعتقلين عشان الأخوان ميطلعوش تكليفات وأوامر! كأن المسجون ده مش بشر أصلاٌ.
ولا اللي لسة عاملين فيها عاقلين وقاعدين يكتبوا عن ازاي الحكم على ماهر ودومة وعادل نتيجة للإختيارات السياسية الخاطئة, 6 أبريل وفقدانهم شعبيتهم، كأن أحمد ماهر ده فكرة مجردة أو كأن المحبوس ده شخصية اعتبارية أسمها 6 أبريل مش بني آدم عنده بنت عندها 5 سنين محتاس هو دلوقتي في أنه يشرحلها هو فين وبعيد عنها ليه وهيرجع امتى.

قراءة الجرائد عموماٌ بقيت مستفزة جدا بعكس الحبسات اللي فاتت بس أهي بتضيع وقت. ما هو من نتائج ان غيرك متحكم في وقتك أن يبقى عندك وقت كثير مش عارف تعمل بيه ايه.
ماتتخضوش من كلامي, ظروفنا كويسة ومقارنة بحبسات سابقة احنا في وضع مريح جدا, وفي التريض بنبقي مع بعض ونص اليوم بندردش بالزعيق من بين الزنازين والوقت بيعدي في القراءة.
وبالمفاوضات الأمور بتتحسن, قعدنا اسبوع نتفاوض علي الجرائد والراديو, ادينا اهو بنتفاوض علي الجوابات ووعدونا ان الرسالة دي هتوصلكم وبقالنا اسابيع بنتفاوض علي حق نشر مقالات وعلي دخول تلفزيونات ويمكن في يوم من الأيام يسيبوكم تدخلوا جوابات من الاصدقاء وتوصلنا تلغرافات.
الواحد حاسس إنه صائب عريقات, الحياة تفاوض. الدنيا ماشية بس قهرة النفس وحشة.

يوم ما اقتحموا البيت وقبضوا علي كان خالد عيان ومش عارف ينام، أخدته في حضني ساعة لحد ما نام. وبصراحة اللي مكمل على قهري اني حاسس ان الحبسة دي ملهاش أي قيمة، لا ده نضال ولا فيه ثورة والعالم اللي مقضياها تفاوض رغم أنهم مش محبوسين دول ما يستاهلوش أني اتحرم من ساعة واخد فيها خالد في حضني، الحبسات اللي فاتت كان فيه معنى لأني أتحبس واتماسك، كنت حاسس اني داخل السجن بمزاجي وطالع منه كسبان، دلوقتي حاسس اني مش طايق الناس والبلد وان مفيش اي معنى لحبسي غير بس أنه يحررني من الاحساس بالذنب لعجزي قدام كم الفجر في الظلم والفجر في تبريره.

صحيح أنا لسة عاجز، بس أهو بقيت مظلوم من ضمن المظاليم ومرفوع عني الحرج والذنب. وبصراحة ساعة مع خالد أفيد كتير.
انا اصلا مش بفهم ازاي عارف اعيش من غيره ولا عمري فهمت ازاي بعرف اعيش من غير منال, لما جالنا خبر الضبط والاحضار منال قعدت تحاول تعمل ترتيبات عملية عشان شغلنا ميعطلش وانا اتوترت جدا منها ومن جلسة قعدتها مع ميسرة بحاول اسلمه جانب من شغلي وبتفق معاها مين يشيل باقي المسئوليات, كنت عارف زيها اني هتحبس بس مكنتش عايز او عارف افكر ازاي حياتنا تستمر من غير ما نبقي مع بعض. لكن في الآخر أهي بتستمر مش معنى ان إرادتي وتحكمي في الوقت توقفوا أن الزمن نفسه توقف.

الفكرة مرعبة، قدامي جنايتين وواضح أنهم قرروا أن لازم ناخد أحكام، وواضح أن حال الثورة بائس لدرجة ان ينفع ناخد أحكام يعني الزمن يمكن يفضل واقف عندي وبيتحرك عندكم لسنين يعني خالد هيكبر من غيري، يعني قدامه أدوار برد كثير هينام من غير حضني.
أو يمكن لأ، يمكن هخرج بعد شهر أو شهرين، أو يمكن هخرج بعد ما يخلصوا خارطة الطريق الملعونة بتاعتهم. المسألة بمزاجهم والزمن والوقت تحت تحكمهم.
أنا آسف على الغم، انتم عارفين اني بكره جو أخي انت حر وراء السدود وقد أيه السجن عظيم ومش هيقدر يكسرنا. في كل مرة بتحبس حتة بتتكسر زي ما في كل مرة حد غيرنا بيتحيس ظلم كلنا بينكسر فينا حاجة، زي كل شهيد بيموت الكل بينزف، صحيح أهله وأحبابه بينزفوا اكثر بكثير بس كله بينزف وكله بيدفع الثمن.

أنا كويس قهرة الروح دي انتم عارفين اني كنت عايش معاها بره زي ما أنتم عايشينها وكل يوم فيه خبر يعصر القلب وفيه تخاذل بيكتم النفس أنا بس هنا عندي وقت كثير مش عارف أعمل بيه أيه فمركز مع القهر بزيادة.
أنا بس زهقت, لكن هتعدي زي ما اللي قبلها عدت وهرجع أشوفكم أقل وترجعوا توحشوني أقل عشان منى هتبقى مشغولة بخناقتها وشطحاتها الرومانسية وبالتوفيق ما بين أدوارها الكثير اللي بتتنازعها وسناء هتبقى مشغولة بمشاريعها الكثير الغامضة ومغامراتها الكثير العجيبة من غير ما تاخد بالها أصلاٌ، وأنا هبقى مشغول بمنال وخالد وبأسباب جديدة للغضب والمقاوحة.

بحبكم علاء
سجن ليمان طره 24/12/2013