السبت، أغسطس ٠٤، ٢٠١٢

عائلتي صنعتها: الحياة

تصوير @Mo3atef

سناء دخلت تنام في العربية حبة
خالو راح يشتري حاجات ناقصانا
بابا و طنط سهير - مرات خالي- قاعدين على الرصيف بيحلوا سدوكو مع بعض
خالتي جرت الكرسي بعيد عن ضليلة الشجرة و قعدت تتشمس و هي بتشتغل على اللابتوب
ماما و منال بيقروا الجرايد و بيعلموا على كل خبر له علاقة بأخويا
عزة و رشا مش عارفة اختفوا فين لحظتها
أنا قاعدة باقطع خضار سلطة
و ابن خالتي عمر بيصور ده كله

المشهد ده ماكانش في النادي, المشهد ده كان أول يوم العيد على الرصيف المقابل لسور سجن طرة استقبال.
مشهد ممكن يبقى غريب لناس كتير, بس لعائلتي العجيبة المبهجة, مشهد عادي جدا :)

كان أول يوم العيد و كنا جايين نزور علاء أخويا. كل السجون بتسمح في الزيارة بحد أقصى 3 أفراد أقارب من الدرجة الأولى. احنا عائلة تحب الدوشة و اللمة, جينا 11 شخص و استغربنا جدا أما منعونا من الزيارة هيهي
و احنا داخلين التفتيش يومها, الست اللي بتفتش بصت لمرات خالي و سألتها " و انتي بقى تقربيله ايه؟" قالتلها بابتسامة " مرات خاله" قامت ردت عليها " مرات خاله و جاية تزوره, يا حبايبي!!" :)

يومها قهروني و حرموني من رؤياه. سمحوا بس ل 3 أشخاص يشوفوه, و لأني كنت شوفته في آخر زيارة فالمرة دي ماما و منال و بابا اللي دخلوا و شافوه
بس كمان يومها, قعدت اتفرج علينا. على المشهد العبثي اللي احنا خلقناه و ابتسمت : كل واحد جاي و جايب معاه حاجة من ريحة العيد لعلاء: كتب, مجلة ميكي, اكل, فاكهة, صور, قصاقيص من مدونات, و تغريدات مبعوتاله, و انبهرت بازاي زيارة لحد مننا مسجون ممكن يبقى فيها كل معالم البهجة دي.
مش بس كدة, كمان مليانة تفاصيل كانها حاجة "طبيعية". كأن كل يوم العادي اننا نصحى  نجمع تناتيف من "الحياة" و نخزنها في علب و نروح بيها على سجن طرة.

و ابتديت افتكر, مشاهد تانية من 2006 تشبه المشهد ده. 
انا قاعدة على الرصيف باذاكر لامتحاناتي, ماما بتصحح ورق امتحانات الطلبة, منال بتكتب جواب لعلاء, و مستنيين دورنا ييجي و يسمحولنا ندخل نشوفه.

و حاولت أتخيل مشاهد تانية قبل ما أوصل للدنيا, من ذاكرة أمي و خالتي, مشاهد مشابهة فيها ماما و خالتي و عزة مستنيين برضو عند بوابة سجن طرة عشان يدخلوا يزوروا أبويا.

فجأة, خبطتني الفكرة : في تراث عائلتي, طرة محطة من محطات الحب!

أنا اتولدت و أبويا في السجن
اعتقد ماهما حاولت عمري ما هالاقي بداية أحسن من دي لقصتي

الأسطورة بتحكي ان بابا كان مخلى سبيله لما اتحكم عليه بالسجن 5 سنين لاشتراكه في تنظيم شيوعي مسلح ضد مبارك, و ان اصحابه عرفوا الخبر قبله, فبلغوه  و خبوه في حتة عشان ما يتقبضش عليه لحد اما ماما ترجع من السفر و تشوفه.
ماما رجعت على طول و الأصدقاء وصلوها لبابا.
ماما و بابا كان نفسهم في بنوتة صغيرة, و ماما كانت شايفة ان وجود مولود جديد في حياتها هيهون عليها السنين الجاية و بابا في السجن. و فعلا ده كان القرار : بابا و ماما هيفضلوا مستخبيين, ياخدوا وقتهم في "الوداع" , بابا يقضي حبة وقت مع حبيبة عمره و ابنه علاء, و يستثمروا كل طاقة حب و نضال بتجمعهم في تكويني.
و لما اتأكدوا ان ماما حامل فيا, بابا راح سلم نفسه عشان يقضي الحكم اللي عليه, رغم عروض من جهات أمنية انهم يسيبوه يهرب, بس هو كان عارف انه ماينفعش يفضل هربان من البلد باقي العمر.

الأسطورة كمان بتحكي ان ماما بعد ولادتي بيومين, و بمعاونة خالتي أهداف من غير أما جدتي تعرف, اتسحبت من المستشفى و راحت زارت بابا عشان توريه بنته "منى " :)

أمي بقى مبهرة. عندها قدرة خرافية على تحويل أحداث ثقيلة على القلب لمنبع قوة.
كانت بتصر انها تخلي زيارتي لأبويا في السجن حاجة خفيفة على القلب. البس فستان, احط توكة في شعري اللي مقصوص قصة ولاد, و اروح ازور بابا في السجن.
يمكن وقتها ماكنتش مستوعبة أوي فكرة "بابا" بس كنت مستوعبة اني باروح مكان و كل حد فيه بيدلعني, حتى العاملين في السجن كانوا بيجيبولي علبة كلها بسكويت و حلويات.

بابا حكالي انه اما خرج كان لسة بيحاول يكتشف ازاي يتعامل معايا. و اني كنت باتجاهله تماما لحد اما علاء يبقى موجود. أول اما علاء يبقى موجود ابتدي على استحياء اكتشف الشخص الجديد اللي اسمه "بابا" ده اللي بقى عايش معانا في البيت

الأسطورة اتكررت السنة اللي فاتت
برضو علاء راح بخطى ثابتة للسجن. برضو علاء كان عارف انه هيفوته ولادة أول ابن له. برضو منال اتسحبت برة المستشفى بعد يومين من الولادة و راحت تزور علاء في السجن.
علاء كان فاكر ان دي زيارة عادية مننا نطمنه على أحوال منال و انها لسة مش هتقدر تخرج من المستشفى.
عمري ما هانسى منظره لما على باب الأوضة بتاعة الزيارة لمح منال و هي شايلة الكائن الصغنتوت خالص اللي اسمه "خالد" و ابتدى يتنطط في مكانه.
و عمري ماهانسى حالة "الرضا" اللي حلت عليه بعد اما شال خالد نص ساعة بس و قام يرجع زنزانته.

في حوار صحفي مع بابا و علاء محبوس قال انه حاسس انه ورث ابنه "زنزانته" , قالها بفخر, بس اعتقد انه كان ممزوج بثقل و وجع.

يمكن تكون حاجة مش طبيعية  ان اختيارات أهلي فتحت عينينا من بدري على قصص مليانة ظلم و تعذيب و قهر
يمكن تكون حاجة مش طبيعية اني و انا لسة في المدرسة أعرف تفاصيل قصة أب من كتر تعذيب الشرطة له اعترف انه قتل بنته الصغيرة رغم ان الأحداث بعد كدة أظهرت ان البنت طلعت عايشة.
يمكن تكون حاجة مش طبيعية اني بشكل طفولي أتمسك ب "اكذوبة" ان أبويا أكيد ما اتعذبش في السجن لحد اما ادخل الجامعة و أضطر اواجه الحقيقة و اقرا تفاصيل تعذيبه.
يمكن تكون حاجة مش طبيعية اننا نروح طرة أول يوم العيد و احنا شايلين أكل و كتب و لابسين ملون عشان نخطف ربع ساعة سعادة مع حد مننا
يمكن يكونوا أهلي ورثونا حمل تقيل
لكن الأكيد ان الحاجة الأساسية اللي ورثوهالنا هي قدرة سحرية على التمسك بتفاصيل "الحب" في أكثر المواقف كابوسية.

يا خالد انت محظوظ أوي بعائلتك
كل عائلة و ليها صنعة, في اللي صنعتهم الطب ,المحاماة, العطارة, و في اللي صنعتهم البلطجة على خلق الله
لكن عائلتك , عائلتي أنا  و انت صنعتها : الحياة


هناك ٢٦ تعليقًا:

  1. فعلا انتي وصلتي انك تخليني اقفش نفسي بابتسم ابتسامه عريضه وانا بقرأ التنتوفه ديه انتم اناس معطائين والعطائين يثرون الحياه ويجملونها فمابالك لو كان هذا العطاء ليس ملا ولاماديات هذا عطاء من القلب والروح والذات هذا عطاء من عطاء الله لكم ربنا يتفضل عليكم بكرمه ويرزقكم من فضله ويصوب اي خطأ ويزيدكم صدقا وعطاءا تحياتي لمني الرقيقه وابن اخيها المناضل الصغير خالد بإذن الله

    ردحذف
  2. تحياتي لكل الاسره المناضله الأب الاستاذ أحمد سيف والأم ليلي والخاله أهداف سويف وزوجه الخال والاخ علاء وزوجته منال والأخت مني (ماعت) والصغيره سناء وبرنس العائله الجديد خالد وكل مناضلين عائلتك سواء علمتهم أم لم أعلمهم

    ردحذف
  3. يخرب بيت الابداع والحلاوة اللي تخلي الواحد يضحك ويعيط في نفس الوقت!:) انتي ازاي كده!:)

    انتوا عيلة جميلة من الآخر. وانا في قمة السعادة والفخر ان اسمي ورد في التدوينة الرائعة دي:) وعلى فكرة احنا كنا 12 مش 11:)) وانا كنت رحت العربية اخلع الجهاز اللي قولنا مش حيفهموا هو ايه قال يعني حادخل انا كمان :)) يعني جاست ان كيس:)))

    بحبكوا اوي اوي يا احلى واجدع عيلة في مصر.

    ردحذف
  4. غير معرف٤/٨/١٢ ٢٢:٥٠

    أسطورة تصلح للتأمل و تثير الاعجاب ، أجمل ما فيها إحساسك (إحساسكم) الايجابي بكل التفاصيل الكفيلة بالتسبب بالانهيار لعائلات أخري

    أثق أنكم تعرفون الهدف من وجودكم في أي زمان و مكان و تؤدون دوركم بشجاعة و إنسانية تدعو للفخر

    ردحذف
  5. في تاريخ كل بلد وكفاحها للعيش الكريم..يأتي ذكر عائلات مناضله..انتم من هكذا جماعات..ماأجمل ان يكون للحياه معني اكبر وقيمه اعظم..كم من اسر تضيق أحلامها فلا تسع سوي لحاجات بدائيه تنتهي الا لاشئ..وهناك انتم تحملون الام وأحلام بشر وامه ..ترتقون بإنسانيتها لنكون في مصاف الامم التي تقدر الانسان ولن يحدث نهضه بدون حقوق هذا الانسان في الحريه والأمان والعداله.اهنئكم علي مكانتكم في التاريخ لمصرًوالانسانيه كلها...

    ردحذف
  6. الجميل ان الاسطورة حية يا منى :) عائلتك جميلة ربنا يخليكوا لبعض ونتعلم منكوا نعمل عائلات صنعتها الحب والحياة

    ردحذف
  7. غير معرف٥/٨/١٢ ٠٢:٢٣

    بحبكم جداً، وبدعيلكم من قلبي، عائلة عظيمه

    ردحذف
  8. عمرو أسعد٥/٨/١٢ ١٤:٢٥

    ايه الجمال ده؟
    مبسوط اني حضرت أجزاء ولو صغيرة أو بعيدة من تفاصيل حوالين القصة وباشوف الجاتب التاني للتفاصيل دي :-)

    ردحذف
  9. غير معرف٥/٨/١٢ ١٦:٢٨

    هل انا الوحيد الذي شعر بالغيرة من هذه العائلة الرائعة، فما يبدو وكأنه (أحزان) عائلتك و (مآسيها) يا عزيزتي، لهو اكثر حميمية وجمالا وحياةً من كل افراحنا و سعاداتنا وانجازاتنا على طول هذا الوطن العربي من اوله الى اخره . أبارك لك ولأنفسنا هذه العائلة الرائعة.

    ردحذف
  10. مش بفهم حبي ليكي و لعايلتك اللي كل يوم بيزيد :))
    و مش بفهم سر السعادة اللي بتتولد جوايا لما بشوفك مع ان مش بيحصل بينا اي كلام انا بس بسلم عليكي :))

    ردحذف
  11. غير معرف٦/٨/١٢ ١٢:٤١

    دموع وابتسامات.. فعلاً صنْعتكم الحياة :)

    ردحذف
  12. ايه الجمال ده يا مني... قطعة ممتعة وغنية جداً بالمشاعر والامعاني والامل وحب الحياة... الله عليك...

    نشوة

    ردحذف
  13. غير معرف١٦/٨/١٢ ١٨:٣٦

    أخ ياني قوي بقى :))) انتو عيلة عندها رسالة، وإلي عنده رسالة بيبقى فوق كل الناس :)) ربنا يفرحكو يا أحلى فراشة
    Nina :)

    ردحذف
  14. الله عليكو يا مني!!!

    ردحذف
  15. بحد انتوا عيلة عبقرية واحب اقولك ان الحب اللي عندكم مش بس ليكم والدتك في يوم من الايام كانت اول مرة يتم اعتقالي في مظاهرة، وانا والدتي متوفية، قعدت كام ساعة في الحجز في قسم قصر النيل وكنت خلاص قربت انهار لغاية ما والدتك اللي مكنتش تعرفني جات لي القسم علشان تخفف عني وتطمني وتجيب لي اكل وغطا الحضن اللي خدته من د.ليلي يومها كان اكتر حضن قريب لحضن امي، وقضيت اليومين اللي قعدتهم في القسم يومها بمنتهي الراحة وكأني مش في حبس

    ردحذف
  16. انتم جمال جداااا

    ردحذف
  17. "الحرية وعد لمن يستحقها"وفي كل جزء من الثانية تستحقون هذه الحرية نضال يسجله التاريخ في انصع صفحاته...اذكر للشاعر قطري ابن الفجاءة:
    فصبرا في مجال الموت صبرا فما نيل الخلود بمستطاع...سبيل الموت غاية كل حر فداعيه لاهل الارض داع..وما للمرء خير في حياة اذا ما عد من سقط المتاع..ليختمها دكتور سيف عبد الفتاح:"قصة عائلتين في الثورة"..http://www.masralarabia.com/رياضة?view=blog&id=267157:%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A2%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%AC%D9%8A-%D9%88%D8%A2%D9%84-%D8%B3%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85&catid=215:%D8%AF-%D8%B3%D9%8A%D9%81-%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD 

    ردحذف
  18. ابتسامه خفيفه في صحبت دمعه مع رفرفه قلب ...شكرا بجد ليكم

    ردحذف
  19. أقولك آيه بس؟ قلبي معاكم، أنتم عليه جميله و شجاعة و مش لاقية كلام أقوله، بصراحة مرات بغير و بحسد كم علي شجاعتك مدي. تسلمولنا يا رب

    ردحذف
  20. عائله صامدة بحبها و قاهره للاحداث السلبيه .. ربنا يديم عليكم الحب و تمدونا دايما بالطاقات الايجابيه

    ردحذف
  21. انا كان نفسى اكون من عيله زى دى بجد انتو مثل اعلى للناس كلها

    ردحذف
  22. طب ممكن أسأل انتوا بتناضلوا ضد مين

    ردحذف
  23. ربنا يحميكم ويحفظكم لبعض ..ويرحم الاستاذ واﻷب
    باعترف اني كان نفسي اغش منه واتعلم ازاى ربى وﻻده علشان اعمل كدهانا وموسى

    ردحذف
  24. انا بحبك يا منى وبحب علاء وسناء وبحب باباكم أحمد سيف الإسلام ومامتكم ليلى

    ردحذف
  25. اسره تشبه ابطال افلام يوسف شاهين.برغم اعجابى واسفى.بجد مش قادر استوعب او افهم اختياركم ليييه

    ردحذف